‏إظهار الرسائل ذات التسميات قصتي القصيرة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات قصتي القصيرة. إظهار كافة الرسائل

الأربعاء، 17 مارس 2021

قصة قصيرة " السعادة في يومين "

 السـعادة فـي يومـين 

لـ رغـد عبدالمولى


القصـة القصـيرة " السـعادة في يومـين "

في يومٍ مشمس ، عندما كانت ثلاث صديقات جالسات يتبادلن الأحاديث ، حتى افتتحت دينا حديث عن التطوع ، وهي تخبر صديقاتها بأن اختها التي تعمل في مدينة الخدمات الإنسانية في إمارة الشارقة ، استلمت مسؤولية الاشراف على مهرجان يقام كل سنتين  ( مهرجان سنابل المحبة ).


شمس: حدثيني أكثر عن هذا المهرجان ، كيف يقام ؟

دينا :هو مهرجان يكون لمدة يومين ، تفتح فيه خيام عديدة ، يباع فيها طعام ، ألعاب ،ملابس .. والعديد من الاشياء ، تحت اشراف عدد كبير من المتطوعين ، وفي نهاية المهرجان العائد المالي من المبيعات يعود للطلاب والطالبات ( أصحاب الهمم ) الذين يدرسون في مدينة الخدمات الإنسانية .


استمرت دينا بالتحدث وظهرت ملامح الحماس على وجه شمس .


دينا: لقد حدثتني اختي الكثير عن هذا المهرجان حتى زرعت في نفسي رغبة المشاركة كمتطوعة و شجعتني ، لكنني أود أن يرافقني أحد .

شمس : ياااااه ... كم أحب التطوع والمشاركة في مثل هذه المهرجانات ، بالطبع أنا أود مرافقتك يا دينا.
 
دينا :لقد تحمست .. سيكون جميلاً كثيراً لو شاركنا .
شمس :نعم انها تجربة جميلة ... سأخبر والديّ اليوم .
دينا: حسناً ، أنتظر منك رداً .


وعندما عادت شمس الى المنزل ، سارعت بإخبار والدتها عن المهرجان واخذ رأيها ، فقالت انها بالطبع لا تمانع من مشاركتها في عمل الخير .


في المساء أخذت اذن والدها ايضاً وكان رأيه مشابها لرأي والدتها وشجعها وافتخر بهاأنها لديها رغبة المشاركة في التطوع .
قررت شمس المشاركة وأخبرت دينا برغبتها ..
كان المهرجان في يومي الاربعاء والخميس منذ الصباح ...

يوم الثلاثاء كان يجب على شمس ودينا أن يذهبن للتعرف على المكان واستلام المهام .
وبالطبع ستكون اول زيارة في غاية الحماس والسعادة ..
كان المكان جميل جداً .. واسع ويحيطه خضار من كل جهة مما جعل المكان روح ومنظر يريح عيون الناظر ..


كانت سعادة شمس لا توصف ، كأنها لا تصدق أنها أتت للعمل والتطوع وعمل الخير، أنه سيكون لها بصمة في هذا العمل الرائع ..
كانت متأكدة من ان هذان اليومان سيكونان من اجمل الايام في حياتها ..
وأن  وجودها في هذا المكان للتطوع سيكون ذكرى خالدة وخاصة في قلبها ..


تتجول في المكان وترى الجميع يعمل بسعادة حتى رغم التعب ..
فما أجمل التطوع بحق ..
وما أجمل انه ما زال هنالك ناس يفتتحون مثل هذه المهرجانات ، أنه ما زال في قلوب البعض انسانية ورحمة ، وفعل الخير دون مقابل ..

لقد أصبح وجود هذا الشيء قليل للأسف .. اصبحنا نعيش في عالم كل شخص فيه يتجه نحو مصلحته .. نحن بحاجة لبعض من هذه الانسانية في قلب كل شخص منا .. بحاجة أن لا نكون أنانيين .. أن نفكر بغيرنا .. أن نقدر ونحترم بعضنا ..
نحن فقيرون لقلوب نقية ومليئة بالإنسانية .. نحن بحاجة لمثل هذه القلوب أكثر .. لعلنا نعيش في سلام ..


إن التطوع ليس بشيءٍ اجباري .. هو فقط ارادة داخلية .. هو تغلب الخير على الشر ..
تكمن فوائده على النفس ثم المجتمع وربما بعدها سيكون على العالم بأكمله ..


لم تقف دينا وشمس كثيراً دون عمل .. وسارعتا بسؤال الجميع ان كانوا يريدون مساعدة،لم يكن احد يقف دون عمل .. الجميع يعمل الجميع نشيط .. الجميع سعداء ومتحمسون لإسعاد اطفال جوهرهم أرواحهم الجميلة وقلبهم البريء


ساعدت دينا وشمس في نقل الاغراض من المخزن الى الخيام ، وترتيبها ..
وانتهى اليوم بترتيب الخيام والاستعداد الكامل للصباح ..


في صباح اليوم التالي وصلت شمس الى المكان، وبدت من السعادة بأن الشمس قد أشرقت على وجهها قبل ان تشرق على الدنيا ..

وذهبت للخيمة ( المكان الذي ستستلمه للبيع ) ، ولقد كانت تحتوي على الملابس والأحذية والألعاب ، وصلت دينا بعد حين وأتت لمساعدتها ..

حتى حان وقت افتتاح المهرجان .. ورحلات المدارس على وشك الوصول
قام المسؤولون بالافتتاح ، على صوت النشيد الوطني .. وبدا الجميع سعيد والابتسامة على وجهنا جميعاً ..

أقبلت المدارس على المهرجان ، وكان يوم الأربعاء هو اليوم المخصص لرحلات الاولاد ، ومن الجميل أن المدارس تقيم رحلات على مثل هذه المهرجانات ، من أجمل الخطوات لزيادة التعاون والمحبة بين الجميع وزيادة الوعي عند الاجيال بالقيم الانسانية وبأهمية التطوع ..

بدأ الطلاب يتجولون نحو خيمة تليها خيمة ..لشراء ما يعجبهم ، وكانت خيمة دينا وشمس مزدحمة بشدة وهذا العمل والجهد لم يكن يزدهن الا متعة بالاجواء رغم تعبهم .
استمر الازدحام الشديد من كثرة المدارس التي أتت ، حتى انتهى وقت المدارس حوالي الساعة 2:00 ظهراً . وبالطبع بعد ساعات عديدة من الوقوف شعر الجميع بالتعب، وبدأ الجميع بإغلاق الخيام والعودة الى المنزل ..

وكانت نهاية اليوم الاول بالنسبة لشمس ودينا جميلة جداً ، وجلستا يتحدثا عن كل التفاصيل التي استمتعتا بها ، وكل واحدة منهن تصف شعورها للأخرى ..

ارادت دينا وشمس الجلوس مع الاطفال الذي قدم المهرجان كهدية لهم ..
وكم كانت من جلسة جميلة .. النظر لعيونهم التي فيها لمعة البراءة تلك ..
وضحكاتهم.. وروحهم الجميلة ، صدقت دينا وشمس بأنهم يستحقون هذا المهرجان يستحقون أيام جميلة كجمالهم .. عندما نظرت دينا الى شمس، رأت في عينيها لمعة البكاء ، وعندما خرجتا وسألتها لماذا هناك دمعٌ يقف على طرف عينيكِ .. أجابتها شمس مع ابتسامة رقيقة على وجهها : انها دموع السعادة يا دينا،سعادتي بأنني في هذا المكان ، في الفرصة التي أتيحت لي بأن اشارك واكون هنا ، بين قلوب سليمة ونقية بعيداً عن العالم الخارجي الذي يملؤه الحروب والظلمات ... ياليتنا جميعنا نعرف اين تكمن السعادة يا ليتنا نشعر بقربها منا ونصدق قدرتنا على صنعها بأنفسنا .


في صباح يوم الخميس بدأ اليوم بنشاط أكبر من الامس .. بالعمل والسعادة على أنغام فيروزية ..

وكان هذا اليوم مخصص لرحلات مدارس البنات ، وقرابة الساعة العشرة امتلئت الساحة بالفتيات ليتجولن بين الخيام ، وليس هناك شك بأن الفتيات تسببن ازدحام أكبر عندما يكون هناك تسوق ..

وعندما رحلت المدارس بعد الظهر ، كان هناك فترة استراحة حتى يبدأ المهرجان من جديد في المساء ليكون لعامة الناس ..

وفي فترة استراحة الظهيرة ، التقطت دينا وشمس بعض الصور للذكرى .. كانت كل الخيام مغلقة حتى لم يجدوا طعاماً يتناولوه ليحصلوا على طاقة للعمل بعد الاستراحة ،فقررتا الذهاب الى مكان قريب لتناول الطعام ، وفي وقت العصر افتتح المهرجان من جديد ، واقبلت الناس عليه .. وافتتحت منصة مسرحية صغيرة ، وقام بعض الاطفال بعزف الموسيقى والغناء .. والناس يشجعوهم وآخرون يتجولون بين الخيام ..

وهكذا حتى انتهى هذا اليوم واصبح المهرجان في آخر لحظاته ، لقد بدأ وانتهى بشكلٍ جميلٍ جداً .. وإن المشاركة في مثل هذه المهرجانات تكون من أجمل التجارب في الحياة ..
دينا :نعم يا شمس أخبريني كيف كان المهرجان هل ستشكرينني لأني دعوتكِ للمشاركة معي؟

شمس: بالطبع أشكرك جداً.. من حسن الحظ أني شاركت ورافقتكِ .. لقد كان هذان اليومان من أجمل الايام في حياتي وكأني أخذت هدنة سلام جددت حياة روحي .

دينا: نعم فعلاً إنها من اجمل التجارب ، لقك سعدتُ جداً بالمشاركة ، أتمنى ان يكون لنا فرص للتطوع اكثر مع الايام القادمة .

شمس :وانا اتمنى كذلك .


وانتهى المهرجان بشعور الجميع بالسعادة .. بالسلام ..




اقرأ المزيد